بعد كل تلك الآلام التي عانيتها.. أخذت أفقد الإحساس تدريجياً في أطرافي.. أحاول تحريك قدمي.. لا أقدر.. أحاول رفع يدي.. لا أستطيع.. فقد قبضت روحي من بين جنبي.. وذهبت إلى بارئها.. كم صعبة هي لحظات الحشرجة.. مؤلمة.. ومخيفة..
أصوات أقدام قادمة إلى هنا.. من يا ترى..؟ آه تلك أقدام ابنتي الصغيرة.. أتت لتوقظني من قيلولتي التي أصبحت أبدية.. هي لا تعرف أنني لم أعد أعيش في دنياها.. إنها تناديني.. أنا هنا يا ابنتي.. إنني أسمعك.. ولكنكِ لا تسمعينني.. جثت على ركبتيها.. بدأت تهزني برفق.. لا أستطيع حراكاً غاليتي.. لا أستطيع.. بدأت علامات الخوف والجزع تملأ عينيها.. أصبحت تهزني بشدة.. أبداً لا مجيب.. بدأت تطلق الصرخات.. أمي.. ماما.. أجيبيني.. ماما.. ماذا دهاك.. ؟ تدحرجت من عينيها دمعة ماسية... انحدرت على خدها.. ونظرت إلي بيأس.. باتت شبه متأكدة من موتي..
قامت تركض وتصرخ وتستجدي.. أمي لا تجيب.. إنها لا تستيقظ.. أغيثوني..أصوات أقدام مسرعة.. إنه حبيبي.. آه يا زوجي.. قد كان قدري أن أرحل دون وداعك.. إنه يجس نبضي.. يناديني.. يهزني.. لا مجيب.. ماذا..؟ أتبكي يا حبيبي..؟ لست أصدق ما أرى وأسمع.. إنك تبكيني.. ليتني أستطيع أخذ حزنك معي.. لا تبكي يا حبيبي.. قد رحلت إلى عالم أفضل من عالمنا هذا.. وأصبح كل ما أسمعه هو صوت النحيب والدموع.. ثم أخذ يحضن صغيرتي في حنان.. يشكي كلُ منهما الآخر غدر الزمن..
وبعد لحظات أتت سيارة الإسعاف.. غطوني بالقماش الأبيض .. حملوني معهم وبكاء أحبتي يشيعني.. وصراخهم يملأ المكان.. ولكنني كنت قد رحلت.. أخذوني إلى مغسلة المقبرة.. إنهم يغسلون جسدي بالماء.. ويفعلون بي تماما كما فعلوا بمن سبقني.. وجهز جسدي للنزول بالقبر.. فلف بالكفن.. تركت خلفي كل متاع الدنيا ولم يبق لي غير هذا الكفن.. ثم حملوني على نعشي.. الآلة الحدباء التي قدر على كل ابن أنثى أن يحمل عليها يوماً ما.. وهاهم يصلون علي.. ثم يذهبون بي إلى القبر وينزلونني به.. يا له من مكان موحش..! لا تتركوني هنا وحدي.. لا ترحلوا عني.. ابقوا معي..
إلهي.. قد بدءوا يحيلون علي التراب.. غطوني به من رأسي وحتى أخمص قدمي.. إنهم يرحلون.. أحبتي.. قد تركتموني ها هنا وحيدة.. أفلا تبقون معي..؟ لا مجيب.. قد ابتعدوا عني وتركوني.. حملوا أحزانهم وغابوا عن مسامعي.. حفظكم الله يا من أ حببت.. اذهبوا لدنياكم.. ولأبق هنا في غياهب القبر لأرى أنا نتيجة ما صنعت يداي.. ولكن أطلب منكم فقط أن تذكروني..
12 comments:
السلام عليكم
مش عارفة ايه الحالة العامة من الياس والاكتئاب اللى كل المدونين فيها
ساعات باحس اننا عملنا المدونات بس علشان نفضفض فيها عن أحزاننا و أفكارنا المجنونة والمكتومة جوانا
كلنا الى الموت
بس انا نفسى أحقق حاجات كتير قبل ما أموت بجد
يا رب وفقنى ووفقنا كلنا واهدينا واصلح نفوسنا
الموضوع فيه شيء من اليأس!
لكن انا اعتبره مرحلة وسوف تنقضي, وكلنا سوف يخوض هذه المرحله لا بد وان
يفكر فيها يوما من الايام ويعيشها
لكن السؤال هل سيتحول الامر الى هاجس؟ لاأظن ذلك
لااخفي ايضا اني اعجبت حقا باسلوبك في
الكتابة وانتقائك الجيد لبعض للكلمات
دمتي بحفظ الله ورعايته وابعدك عن كل مكروه
لا حول ولا قوة الا بالله
بس على فكرة
أنا معاك تماما
الموضوع ليس فيه يأس و لا اكتئاب
صحيح فيه من الم الفراق الكثير
لكن الله سبحانه و تعالى قدر للمؤمن الصادق ان يفرح به يوم لقائه
تحياتي لك يا برايد زون
يا رب يكرمك وي وفقك و يرزقك بالزوج الصالح الذي يرضيكي و تكونون سببا في دخول بعضطكما الجنة
تحياتي لك و شكرا لك مرة أخرى على تذكيرنا بالموت الحقيقة الوحيدة المؤكدة في هذه الدنيا
سلااااام من ماناساس البلد
نورت يا دكتور دايموند :)
انا مش بعرف حالة المدونين التانيين بس البوست ده بالذات مالوش علاقة بالاكتئاب ده مجرد تفكير في مرحلة مجهولة وتخيلات على ما ستكون عليه بعد كده.. وبعدين الحلو في المدونات انك بتقدر تنفس عن جنونك للاخر من غير ما تتهم بالجنون عشان اساسا محدش يعرف انته مين بالاصل :))
يشرفني مرورك وابقى خلينا نشوفك تاني :)
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
العزيز بسام..
لم يكن هاجساً ولن يكون بإذن الله.. هو أمر واقع لا محالة ولكن التفكير في المجهول أمر وارد..
وشكراً على كلماتك الرقيقة في حق كتاباتي المتواضعة...
ومرة أخرى أنست وشرفت :)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الفاضل سندباد..
سبق وذكرت في بداية المقال أنني كتبت هذه الخاطرة - إن صح تسميتها بهذا الاسم - منذ سنوات، وكانت مجرد تخيلات.. فكرة تراودني ونقلتها كلمات على ورق..
شكراً على اهتمامك سيدي وبإذنه تعالى سأكون بأفضل حال..
دمت بود :)
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
أهلا بابن مانساس :)
الملهم لعرض هذه الخاطرة :)
فعلاً تذكر هادم اللذات فيه من العبر الكثير.. رغم قساوة الموضوع إلا أننا نحتاج أن نتذكره من وقت إلى آخر.. وليست التذكرة به دليلاً على اليأس أو الحزن أو الكآبة.. بل هي يقين بأن هذا الأمر واقع لا محالة فعلينا أن نستقبله بأفضل حال..
شكراً على تواجدك..
أختي الفاضلة
شعرت أن الخط الكتابي لكل المقالات الأخيرة يحمل بين طياته شيئا من الحزن نابع من وطأة اللحظة..الظاهر أني تسرعت
في إنتظار كتابتك المبدعة, أتمنى لك وقت سعيد
تحياتي
أهلا بك
أولا أنا لست ابن ماناساس
ولكني عبدالله :))
ثانيا وهو الأهم
لقد شجعتني لكي أكتب لك بعض الكلام بعد حوارنا بالأمس
أنا أشكرك أنت على مدونتك هذه
وعلى كل كلمة فيها
عندي كلام كثير يمكن أن أقوله
لكني سأكتفي بالدعاء لك
وأن يسامحني الله تعالى و يسامحني كل من أخطأت في حقهم قبل موتي
"يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من أتى الله بقلب سليم"
تحياتي لك من
م ا ن ا س ا س البلد
مؤثر عن جد ربنا يستر
الواحد والله موش عارف هيعمل ايه فى الاخره
عزيزي سندباد.. شكرا لعودتك ولو انني اعتب عليك حذف تعليقك السابق :))
يقولون ان المعاناة هي التي تولد الابداع... وانا أحب أن أنفذ هذه المقولة لأنها بالنسبة لي على الأقل صحيحة.. فكثير من كتاباتي تحمل الطابع الحزين إلا ما تعلق بمواضيع الحب .. وتلك بالذات لا تناسب موضوع المدونة لذلك فأنا لا أعرضها هنا..
شكراً لحضورك المبهر..
ـــــــــــــــــــــــــــ
عبدالله بن م ان اس اس :))
وفقك الله إلى ما يحب ويرضى وثبتك على سراطه المستقيم..
أسعدني أن المدونة أعجبتك.. وسرني تواصلك..
شكرا لتواجدك الرقيق..
ــــــــــــــــــــــــــ
اخي خالد..
احنا مش حنعمل حاجة في الآخرة أصل الدنيا عمل بلا حساب والآخرة حساب بلا عمل.. فاعمل عندما يكون هناك مجال للعمل للوقت الذي ستقول فيه ياليتني اعود فاعمل كذا وكذا..
وفقنا الله واياك الى ما يحب ويرضى وجعلنا من سكنة النعيم..
شكرا لتواصلك المستمر..
اللهم ارحمنا فوق الارض وتحت الارض ويوم العرض عليك
اللهم امين يا باربي..
شكرا لزيارتك :)
Post a Comment